ShareThis

الأحد، 25 أكتوبر 2009

جمال مبارك و المصالحة الفلسطينية


قد لا يجد القاريء علاقة بين نجل الرئيس مبارك - جمال - و المصالحة الجارية حالياً بين فتح و حماس, لكن و بقراءة الموقف و الأحداث الجارية نجد أن ثمة علاقة بين الاثنين. فبعد أن كانت مصر تلعب دور الوسيط النزيه في ايجاد صيغة مصالحة بين حركتى المقاومة الفلسطينية فتح و حماس, وجدناها تنحاز لأحد الطرفين بالورقة التى قدمتها اليهما و طالبتهما بالتوقيع عليها دون ابداء أي اعتراض على أي بند فيها و هذا بالطبع موقف غريب بالنسبة لمن يلعب دور الوسيط بين متخاصمين ناهيك عن أنهما كانا متقاتلين قبل ذلك. فحركة فتح سارعت بالتوقيع عليها للخروج من أزمة تقرير جولدستون و انتظرت حماس بعضاً من الوقت لدارسة بنودها و أعلنت أنها تحتوي على بنود لم يتم الاتفاق عليها من قبل في الحوارات السابقة بين الفريقين و التى استضافتها مصر على مدار أكثر من عام.

و لكن المتابع للشأن المصري مع حركة حماس و تأثير الحركة داخلياً على الوضع المصري و ذلك بأنها تمثل التيار الاسلامي المعتدل في الخارج و التى تنتمي فكرياً لجماعة الاخوان المسلمين. فقد رأى النظام المصري - مثلما رأي من قبل - أن أية نجاح للمصالحة الفلسطينية قريباً و قبل حلول موعد الانتخابات النيابية في مصر من الممكن أن يؤدي الى ارتفاع أسهم جماعة الاخوان المسلمين عند الرأي العام المصري في حالة فوز حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية و التي كان من المزمع اجرائها في حال نجاح المصالحة. و هذا الارتفاع فى أسهم جماعة الاخوان - كبرى فصائل معارضة النظام المصري - سيؤدى الى حصولها على عدد مقاعد كبير في انتخابات مجلس الشعب القادمة - رغم التعديلات الدستورية التى تتيح له التزوير بشكل أكبر من قبل - مما سيسبب له مشاكل في امكانية حصول نجل الرئيس المصري جمال مبارك على معارض قوي في حالة اتفاق المستقلين و الاخوان و المعارضة على تقديم منافس قوي في انتخابات مصر الرئاسية القادمة عام 2011. فأراد بذلك النظام المصري وأد هذا الوضع - رغم صعوبة حدوثه طبقاً للمعطيات الحالية - و عدم الدخول في احتمالات تنغص عليه عملية انتقال الحكم من مبارك لأبنه دون حدوث مشاكل.
و الدلائل على هذا الرأي ما نراه حالياً من حملة اعتقالات شعواء تطال قيادات الجماعة و أعضائها في شتى انحاء مصر, اضافة الى الاهتمام الكبير الذي طال قضية تقديم مرشد الاخوان لاستقالته من قبل الاعلام الرسمي في مصر بعد أن كان متعمداً تجاهل الجماعة في الاعلام و الاشارة دائماً اليها بلفظ المحظورة.
فقد عمل النظام في مصر على محاولة اضعاف الجماعة من جهة بالقاء القبض على قياداتها من جهة و تشويه صورتها من جهة اخري في محاولة منه لصرف انتباهها نحو شأنها الداخلي أو الحصول منها على تنازلات بخصوص تمرير توريث الحكم بدون منغصات قد تنقلب ضد النظام خاصة في وقت تعيش فيه مصر في حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي و الاقتصادي نتيجة الفساد المستشري في جنباته. و خوفه من أن تكون معارضة توريث الحكم بصورة كبيرة سبباً هي القشة التى ستقصم ظهر البعير عند الشعب المصري ليعترض على أحواله الاجتماعية و الاقتصادية خاصة مع وجود حالة بطالة عملت على زيادتها الازمة المالية العالمية.
و خلاصة الأمر أن النظام في مصر رأي انه من مصلحته تأجيل المصالحة لحين الانتهاء من الانتخابات النيابية في مصر و ذلك بتقديم ورقة بها بنود يعلم هو انها ستؤدي الى زيادة الفجوة بين الطرفين.

هناك تعليق واحد: